“الصَّبر والإنضباط من أعظم الطَّاعات” بقلم : الشَّيخ حمَّاد أبو دعابس رئيس الحركة الإسلاميَّة

شهر رمضان المبارك يطرق الأبواب ، ويتهيَّأ المؤمنون لإستقباله ، بكلِّ شوقٍ ومحبَّة . ولكنَّه يأتي هذا العام على غير الهيئة الَّتي تعوَّدنا عليها ، يأتينا في ظلِّ وباءٍ لا يرحم ، يزداد انتشاراً يوماً بعد يومٍ ، بل ويتهدَّد كلَّ قريةٍ ومدينةٍ وحيٍّ من بلادنا ، وسائر أرجاء المعمورة . ما تزال التَّعليمات بتعليق صلوات الجمعة والجماعة والتَّراويح في المساجد على حالها ، حتَّى يأذن الله تعالى ، بأمرٍ من عنده . ونحن بطبيعة فهمنا لفقه الأولويَّات في ديننا ، نغلِّب مبدأ سلامة الأنفس ، وأسباب السَّلامة والأمان ، على بعض الواجبات والسُّنن ، الَّتي نحبُّها ونشتاق إليها ، ونتقطَّع حنيناً لعودتها ، وعلى رأسها صلوات الجماعة في المساجد .
نتعبَّد الله بالصَّبر عن المرغوبات
نحن ولا شكَّ نتفهَّم حنين العابدين لبيوت الله ، ونشعر كما يشعر كلُّ الَّذين تعلَّقت قلوبهم بالمساجد . ووالله إنَّ قلوبنا لتعتصر ألماً كلَّما سمعنا المؤذِّن يردِّد : الصَّلاة في بيوتكم ، الصَّلاة في رحالكم . لكنَّ ربَّنا سبحانه وتعالى ، يعلم كذلك ، أنَّنا ننازع أنفسنا رغبتها في الخروج للجمعات والجماعات والإجتماعات والمناسبات ، إحتساباً لأجر الصَّابرين والمرابطين والملتزمين .
يا قومنا :
مخطئٌ من يظنُّ أنَّ حضوره لصلاة الجمعة أو التَّراويح في المسجد في ظلِّ هذه الظُّروف ، مع تعريضه لنفسه وغيره للخطر ، أولى وأكثر مثوبةً ، من إلتزام بيته ، وحفظه لتعليمات السَّلامة ، بنيَّة المساهمة في تطويق الوباء ومحاصرته ومنع انتشاره . إنَّ تركك للجمعة والجماعة والتَّراويح في المساجد بهذه النِّيَّة ، أعظم مثوبةً وأجراً ، ودليل وعيٍ وفقهٍ وفهمٍ ، لن يضيع عند الله أجره . فلتطمع بأجور الصَّابرين المرابطين ، والمحتسبين .
أُثبتوا وثبِّتوا غيركم
طوبى لمن كان قدوةً في الخير ، وطوبى لمن أعان غيره على الثَّبات . فيا أيَّها الصَّابرون ، إصبروا وأعينوا غيركم على الصَّبر . أُثبتوا وعزِّزوا ثبات أهلكم وإخوانكم وزملائكم . هذا أوان شدِّ المئزر ، والصَّبر عن متعة التَّجوُّل والتَّسوُّق ، والإجتماعات والمناسبات ، وحتَّى صلوات الجماعات الحاشدة ……. الصَّبر عن كلِّ ذلك ، في زمن الوباء ، عبادةٌ من العبادات ، فاحتسبوا أجرها عند بارئكم ، وبشِّر الصَّابرين .
“إنَّ الله كان بكم رحيما ”
من رحمة الله بنا ، أنَّ الوباء بدأ بعيداً عنَّا ، لنسمع به عن بعد ونتهيَّأ له تدريجيَّاً ، بالتَّناسب مع اقترابه . أما وقد حلَّ بديارنا ، وغزى مدننا وقرانا ، ورأينا بطشه بغيرنا ، فما بقي لنا عذرٌ أن يغافلنا الوباء ، أو يأتينا على حين غِرَّة . ولذلك :
سجِّل في ذهنك وعقلك وقلبك :
أنَّ الإنضباط وعيٌ
وأنَّ الإلتزام رجولة
بيتك حصنٌ مانعٌ
وكفُّك الأذى بطولة
قلبك تحت عين الله
فكن ذا نفسٍ عقولة
واصبر لحكم الله وذُق
عقبى الصَّبر الجميلة
اللهمَّ سلِّمنا لرمضان ، وسلِّمه لنا ، وتسلَّمه منَّا متقبَّلا ……. يا أرحم الرَّاحمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .